نشرت المقالة في منتدى فكرة
في 15 سبتمبر/أيلول، كتب الرئيس اليمني عبد ربه منصورهادي مقالته الافتتاحية الأولى له على الإطلاق على أمل طمأنة الشعب اليمني حول تقدم المرحلة السياسية الحالية. والمقالالذي نُشر في مجلة التايمز اليمنية والمتاح فقط باللغة الإنجليزية يبرز دور المرأة أثناء المرحلة الانتقالية ويثني على وضع المرأة في اليمن. والأهم من ذلك أن الرئيس يدعم بشكل غير مباشر حصة الـ 30% المقترحة، حيث يقول "لضمان سماع تلك الأصوات، عقد تحالف جديد للنساء المؤثرات مؤتمراً صحفياً اليوم لتأييد الدعم الوطني لتخصيص حصة 30 بالمائة على الأقل لتمثيل المرأة في جميع فروع الحكومة".
وبدون شك فإن مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار الوطني كانت قوية حيث تمثل المرأة 28% تقريباً من جميع المشاركين. كما ترأست المرأة ثلاث من لجان العمل التسع. فضلاً عن أنهن شكلن تحالفات داخل مؤتمر الحوار وخارجه لقيادة حقوق المرأة، ورغم كل هذه الجهود، إلا أنه تعذر الوصول إلى قرار بالإجماع بخصوص حصة الـ 30%. وبغض النظر عن ذلك، يبدو أن مؤتمر الحوار الوطني في اليمن سيوافق على حصة الـ 30% للمرأة في جميع فروع الحكومة الثلاثة، لكن هل هذا النجاح يرجع إلى الجهود الدؤوبة من جانب المرأة اليمنية، أم أنه يهدف إلى جعل اليمن تبدو وكأنها أكثر ديمقراطية؟
رغم أن مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار الوطني مُلفته للانتباه، إلا أن الحوار يظل منفصلاً تماماً عن حقائق المرأة اليمنية على الأرض. لا تزال العملية الانتقالية، التي كان من المقرر لها أن تنتهي في 18 سبتمبر/أيلول، تلقى دعماً قوياً من المجتمع الدولي. وهذا يسترعي سؤالاً حول مدى النجاح المحتمل للعملية على المدى الطويل إذا كان الهدف هو تحقيق القبول الدولي مقارنة بالمشاركة الحقيقية والتأثير على الأرض.
حصة الـ30%
بحسب متطلبات العملية التي يقودها مؤتمر الحوار الوطني، يجب أن تحظى أي مادة في المرحلة الأولية بـ 90% من الأصوات بين اللجان من أجل الموافقة عليها، وإلا فإنه سيتم إرسالها إلى لجنة توفيق الآراء، التي تأسست للإشراف على عملية الحوار من أجل الحفاظ على الانسجام. وإذا قامت لجنة توفيق الآراء بتعديل المادة وإعادتها إلى اللجان، فيجب أن تحصل على موافقة بنسبة 75% وإلا سيتم إعادتها مرة أخرى إلى الهيئة الإشرافية. وأخيراً، يجب الموافقة على مسودة معدلة بنسبة 55% من اللجان. وإذا لم توافق عليها اللجان، فسوف تتخذ لجنة توفيق الآراء ورئيس الحوار القرار النهائي حول ما إذا كان سيتم المضي قدماً في هذه المادة أم لا.
تجتمع لجان بناء الدولة والحكم الرشيد والحقوق والحريات في مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة حصة المرأة، وسوف تتطلب حال الموافقة عليها أن يكون 30% من المسؤولين من النساء عبر جميع فروع الحكومة. وقد كانت لجنة بناء الدولة هي اللجنة الوحيدة التي تمكنت من الموافقة المطلوبة بنسبة إجماع 90%، رغم أن هذا كان يرجع فقط إلى حقيقة أن بعض الأعضاء حجبوا أصواتهم على افتراض أن ذلك سوف يخفض من معدل الإجماع. لم تصل اللجنتان السابقتان إلى معدل الأصوات المطلوب، لذا فإنه بحسب إجراءات الحوار، فإن الأمر أُحيل إلى لجنة توفيق الآراء قبل أغسطس/آب. وفي ذلك الوقت، كان من المنطقي افتراض أن الموضوع سوف يُعاد إلى اللجان العاملة حيث سيتعين على النساء تشكيل تحالفات والعمل بجد للحصول على الإجماع المطلوب بنسبة 75% للموافقة على المادة.
وإذا كان للنساء والجماعات الشبابية أن يوحدن أصواتهن للفوز بالإجماع في اللجان، يرجح أن النسبة التي سيحصلون عليها ستقل عن المطلوب ولن يحصلوا سوى على 50%. ومن هناك، سيكون من الصعب للغاية الفوز بنسبة الأصوات المتبقية، لا سيما بالنظر إلى أن الكثيرين من الرجال الذين أعلنوا تأييدهم لحصة الـ30% رفضوها لاحقاً عندما جاء وقت التصويت. عارضت السلطات التقليدية في اليمن علانية فكرة تخصيص حصة 30% للمرأة، بل إن الأحزاب "الليبرالية" في اليمن اختارت حصة 15% بدلاً من نسبة الـ 30% المقترحة. غير أنه بعد المقال الافتتاحي للرئيس، غيَّر العديد من أعضاء الأحزاب المشاركين في الحوار من لهجتهم. ثم وافقت لجنة توفيق الآراء على أنه ينبغي تمثيل المرأة في جميع الهيئات الحكومية الثلاثة، ومن ثم أرجأت مناقشة حصة المرأة إلى حين عقد الجلسة العامة النهائية.
تقييم الحصة
تستند حصة المرأة إلى فكرة أنها سوف تُحسِّن من مشاركة المرأة في الحكم، بما يعزز قضايا المرأة، من خلال منهج تنازلي من أعلى لأسفل. أولاً، يقوم هذا على افتراض أن تحديد حصة الـ 30% للمرأة يضمن أنه سيتم تنفيذها، بينما في الواقع لا توجد أي ضمانات بأن هذا سيحدث. ثم هناك افتراض بأن النساء اللواتي وقع عليهن الاختيار أو تم انتخابهن سوف يقدِّمن حقوق المرأة على الأجندة السياسية لأحزابهن والسؤال الحقيقي هو ما إذا كانت هذه الحصة سوف تصنع فارقاً فعلياً وتحدث نقلة في الأوضاع المتدهورة لصحة المرأة ومعدلات الأمية والبطالة والوضع الاقتصادي. من المؤكد أنها تستطيع فعل ذلك، لكن يُشترط لذلك عمل النساء المشتغلات بالسياسة والموظفين الحكوميين بجد من أجل إنجاز هذه الحقوق.
يقول العديد من الرجال إن النساء غير جاهزات لنسبة الـ 30% نظراً لقلة عددهن، سواء بسبب التعليم أو الخبرة المهنية. بيد أن هذه الحُجة غير صحيحة. فالعديد من المسؤولين الذكور يشغلون مناصبهم بسبب روابطهم الاجتماعية وليس بسبب مؤهلاتهم. والحجة الأخرى هي أن نسبة الـ 30% هي حصة مرتفعة جداً، لا سيما وأن الرجال هم العائلون الأساسيون لعائلاتهم. وهذه الحُجة ضعيفة كذلك لأن الأرقام أظهرت أن النساء اللواتي يكسبن المزيد من المال ينفقن ثروتهن على عوائلهم. وعلاوة على ذلك، إذا اعتنق اليمن الفيدرالية، سوف تؤدي الحكومات المحلية الجديدة إلى خلق المزيد من المناصب والفرص وبهذا لن "يسرق" النساء أي من الوظائف المتاحة.
هناك تخوف بأن الحصة لن تُطبق وبأن النساء اللواتي يقع عليهن الاختيار من خلال الحصة سوف يعززن من أجندة أحزابهن وليس أجندة المرأة. وعلى كل حال، من المحتمل أن تكون حصة الـ 30% تهيئ المشهد لفشل المرأة اليمنية، لكن هذه مخاطرة ينبغي للمرأة اليمنية الإقدام عليها.
لقد عملت المرأة اليمنية بجد منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي من أجل كسب كافة الحقوق التي نالتها. وفي حال الموافقة على الحصة، ينبغي للمرأة استخدامها لمصلحتها كفرصة لمواصلة العمل الجيد نحو تحسين أوضاع المرأة في المجتمع. إن حصة المرأة ليست الحل الوحيد، لكنها إحدى الطرق العديدة التي تستطيع من خلالها المرأة التأثير على السياسات. وللأسف، كان يُنظر إلى المرأة اليمنية في عام 2011 باعتبارها رمزاً للتغيير الديمقراطي في انتفاضة 2011 اليمنية، لكن لم يجري مخاطبتهن على الفور كفاعلين جادين في العملية السياسية. وإذا كان المجتمع الدولي والحكومة اليمنية ينظران إلى حصة المرأة باعتبارها معياراً رئيسياً "لنجاح" العملية الانتقالية السياسية الحالية بدون أي التزام جاد لدعم تنفيذها، فإن الحصة، شأنها شأن الحوار، ستكون مجرد عملية تشمل الفئات العليا من المجتمع ولن يكون لها تأثير فعلي على الأرض.
سماء الهمداني، باحثة يمنية وتكتب في مدونة Yemeniaty.com. يمكنك متابعتها علىTwitter @Yemeniaty
وبدون شك فإن مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار الوطني كانت قوية حيث تمثل المرأة 28% تقريباً من جميع المشاركين. كما ترأست المرأة ثلاث من لجان العمل التسع. فضلاً عن أنهن شكلن تحالفات داخل مؤتمر الحوار وخارجه لقيادة حقوق المرأة، ورغم كل هذه الجهود، إلا أنه تعذر الوصول إلى قرار بالإجماع بخصوص حصة الـ 30%. وبغض النظر عن ذلك، يبدو أن مؤتمر الحوار الوطني في اليمن سيوافق على حصة الـ 30% للمرأة في جميع فروع الحكومة الثلاثة، لكن هل هذا النجاح يرجع إلى الجهود الدؤوبة من جانب المرأة اليمنية، أم أنه يهدف إلى جعل اليمن تبدو وكأنها أكثر ديمقراطية؟
رغم أن مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار الوطني مُلفته للانتباه، إلا أن الحوار يظل منفصلاً تماماً عن حقائق المرأة اليمنية على الأرض. لا تزال العملية الانتقالية، التي كان من المقرر لها أن تنتهي في 18 سبتمبر/أيلول، تلقى دعماً قوياً من المجتمع الدولي. وهذا يسترعي سؤالاً حول مدى النجاح المحتمل للعملية على المدى الطويل إذا كان الهدف هو تحقيق القبول الدولي مقارنة بالمشاركة الحقيقية والتأثير على الأرض.
حصة الـ30%
بحسب متطلبات العملية التي يقودها مؤتمر الحوار الوطني، يجب أن تحظى أي مادة في المرحلة الأولية بـ 90% من الأصوات بين اللجان من أجل الموافقة عليها، وإلا فإنه سيتم إرسالها إلى لجنة توفيق الآراء، التي تأسست للإشراف على عملية الحوار من أجل الحفاظ على الانسجام. وإذا قامت لجنة توفيق الآراء بتعديل المادة وإعادتها إلى اللجان، فيجب أن تحصل على موافقة بنسبة 75% وإلا سيتم إعادتها مرة أخرى إلى الهيئة الإشرافية. وأخيراً، يجب الموافقة على مسودة معدلة بنسبة 55% من اللجان. وإذا لم توافق عليها اللجان، فسوف تتخذ لجنة توفيق الآراء ورئيس الحوار القرار النهائي حول ما إذا كان سيتم المضي قدماً في هذه المادة أم لا.
تجتمع لجان بناء الدولة والحكم الرشيد والحقوق والحريات في مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة حصة المرأة، وسوف تتطلب حال الموافقة عليها أن يكون 30% من المسؤولين من النساء عبر جميع فروع الحكومة. وقد كانت لجنة بناء الدولة هي اللجنة الوحيدة التي تمكنت من الموافقة المطلوبة بنسبة إجماع 90%، رغم أن هذا كان يرجع فقط إلى حقيقة أن بعض الأعضاء حجبوا أصواتهم على افتراض أن ذلك سوف يخفض من معدل الإجماع. لم تصل اللجنتان السابقتان إلى معدل الأصوات المطلوب، لذا فإنه بحسب إجراءات الحوار، فإن الأمر أُحيل إلى لجنة توفيق الآراء قبل أغسطس/آب. وفي ذلك الوقت، كان من المنطقي افتراض أن الموضوع سوف يُعاد إلى اللجان العاملة حيث سيتعين على النساء تشكيل تحالفات والعمل بجد للحصول على الإجماع المطلوب بنسبة 75% للموافقة على المادة.
وإذا كان للنساء والجماعات الشبابية أن يوحدن أصواتهن للفوز بالإجماع في اللجان، يرجح أن النسبة التي سيحصلون عليها ستقل عن المطلوب ولن يحصلوا سوى على 50%. ومن هناك، سيكون من الصعب للغاية الفوز بنسبة الأصوات المتبقية، لا سيما بالنظر إلى أن الكثيرين من الرجال الذين أعلنوا تأييدهم لحصة الـ30% رفضوها لاحقاً عندما جاء وقت التصويت. عارضت السلطات التقليدية في اليمن علانية فكرة تخصيص حصة 30% للمرأة، بل إن الأحزاب "الليبرالية" في اليمن اختارت حصة 15% بدلاً من نسبة الـ 30% المقترحة. غير أنه بعد المقال الافتتاحي للرئيس، غيَّر العديد من أعضاء الأحزاب المشاركين في الحوار من لهجتهم. ثم وافقت لجنة توفيق الآراء على أنه ينبغي تمثيل المرأة في جميع الهيئات الحكومية الثلاثة، ومن ثم أرجأت مناقشة حصة المرأة إلى حين عقد الجلسة العامة النهائية.
تقييم الحصة
تستند حصة المرأة إلى فكرة أنها سوف تُحسِّن من مشاركة المرأة في الحكم، بما يعزز قضايا المرأة، من خلال منهج تنازلي من أعلى لأسفل. أولاً، يقوم هذا على افتراض أن تحديد حصة الـ 30% للمرأة يضمن أنه سيتم تنفيذها، بينما في الواقع لا توجد أي ضمانات بأن هذا سيحدث. ثم هناك افتراض بأن النساء اللواتي وقع عليهن الاختيار أو تم انتخابهن سوف يقدِّمن حقوق المرأة على الأجندة السياسية لأحزابهن والسؤال الحقيقي هو ما إذا كانت هذه الحصة سوف تصنع فارقاً فعلياً وتحدث نقلة في الأوضاع المتدهورة لصحة المرأة ومعدلات الأمية والبطالة والوضع الاقتصادي. من المؤكد أنها تستطيع فعل ذلك، لكن يُشترط لذلك عمل النساء المشتغلات بالسياسة والموظفين الحكوميين بجد من أجل إنجاز هذه الحقوق.
يقول العديد من الرجال إن النساء غير جاهزات لنسبة الـ 30% نظراً لقلة عددهن، سواء بسبب التعليم أو الخبرة المهنية. بيد أن هذه الحُجة غير صحيحة. فالعديد من المسؤولين الذكور يشغلون مناصبهم بسبب روابطهم الاجتماعية وليس بسبب مؤهلاتهم. والحجة الأخرى هي أن نسبة الـ 30% هي حصة مرتفعة جداً، لا سيما وأن الرجال هم العائلون الأساسيون لعائلاتهم. وهذه الحُجة ضعيفة كذلك لأن الأرقام أظهرت أن النساء اللواتي يكسبن المزيد من المال ينفقن ثروتهن على عوائلهم. وعلاوة على ذلك، إذا اعتنق اليمن الفيدرالية، سوف تؤدي الحكومات المحلية الجديدة إلى خلق المزيد من المناصب والفرص وبهذا لن "يسرق" النساء أي من الوظائف المتاحة.
هناك تخوف بأن الحصة لن تُطبق وبأن النساء اللواتي يقع عليهن الاختيار من خلال الحصة سوف يعززن من أجندة أحزابهن وليس أجندة المرأة. وعلى كل حال، من المحتمل أن تكون حصة الـ 30% تهيئ المشهد لفشل المرأة اليمنية، لكن هذه مخاطرة ينبغي للمرأة اليمنية الإقدام عليها.
لقد عملت المرأة اليمنية بجد منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي من أجل كسب كافة الحقوق التي نالتها. وفي حال الموافقة على الحصة، ينبغي للمرأة استخدامها لمصلحتها كفرصة لمواصلة العمل الجيد نحو تحسين أوضاع المرأة في المجتمع. إن حصة المرأة ليست الحل الوحيد، لكنها إحدى الطرق العديدة التي تستطيع من خلالها المرأة التأثير على السياسات. وللأسف، كان يُنظر إلى المرأة اليمنية في عام 2011 باعتبارها رمزاً للتغيير الديمقراطي في انتفاضة 2011 اليمنية، لكن لم يجري مخاطبتهن على الفور كفاعلين جادين في العملية السياسية. وإذا كان المجتمع الدولي والحكومة اليمنية ينظران إلى حصة المرأة باعتبارها معياراً رئيسياً "لنجاح" العملية الانتقالية السياسية الحالية بدون أي التزام جاد لدعم تنفيذها، فإن الحصة، شأنها شأن الحوار، ستكون مجرد عملية تشمل الفئات العليا من المجتمع ولن يكون لها تأثير فعلي على الأرض.
سماء الهمداني، باحثة يمنية وتكتب في مدونة Yemeniaty.com. يمكنك متابعتها علىTwitter @Yemeniaty
No comments:
Post a Comment